التاريخ والحداثة
لقد أصبح التاريخ الإسلامي مادة خصبة لكل الدراسات نظراً لما يحوي في داخله من معطيات ; أي أن خصوبة هذه المادة التاريخية جعلت كل المدارس تطمع لقرائتها وتحويرها بالشكل الذي يفرضه منهج الدارس ، ومحاولة عرضه علىٰ الأشخاص تارة كحل جاهز بعد إزالة غبار التخلف عنه وتقديمه كقراءة بديلة وموافقة لمتطلبات العصر ، وتارة فقط بطرح أسئلة عليه وتقديمه كمادة ملغومة يجب التعامل معها باحتياط والسعي لانتقاء ما نراه الأفضل ; وذلك طبعاً وفق الحمولة المعرفية ورمي الباقي خارج التاريخ.
فتنوّعت بذلك القراءات مع اختلاف المناهج والآليات. وكما استخلصنا في المقام الأول علىٰ أن هذه المادة التاريخية الموروثة هي إنتاج فرضته اللحظة الزمنية والمكانية للمؤرخ ، نصل حتما إلىٰ كون هذه المادة أصلاً تشكّل مشكلا في حد ذاتها ، باعتبار تلاعبات الزمن فيها والتي هي في الواقع تلاعبات المؤرخ نفسه.
نضيف إليه كذلك الإشكال الثاني الذي له نفس الأهمية (١) ، وهو
______________
(١) راجع ادريس هاني ، محنة التراث الآخر ص ٢٤ ، ط ١ ، سنة ١٩٩٨ ، دار الغدير.