الفكر السياسي الإسلامي والآخر
إن استمرار أي نظام سياسي مرتبط بطبيعة الأرضية السياسية أو طبيعة الفكرة التي تعطي الديمومة والحركية له ، وقد تختلف مناهج بقاء الأنظمة وقيامها ووسائل استمرارها ، فبعد الإطلالة التي قمنا بها علىٰ المدارس السياسية في أوربا والتي توصلت في الأخير إلىٰ وضع الأمر في يد أفراد المجتمع ، حيث يستطيعون عبر تعاقد جماعي من تحديد طبيعة النظام القائم ، نقوم بإطلالة علىٰ الوضع السياسي الإسلامي.
وأما علىٰ صعيد مدرسة الفقه السياسي الإسلامي ، فإن مسألة الدولة وتداول السلطة عرفت اختلافاً كبيراً وذلك ناتج عن اختلاف الفرق الإسلامية ووجهة نظرها لهذه المسألة السياسية الحساسة ، ولقد عبر الشهرستاني علىٰ كون الحكم في الإسلام من أكثر المسائل التي استلت فيها السيوف وأُريقت فيها الدماء ، والتاريخ الإسلامي خير معبر علىٰ ذاك التناحر الحاصل منذ ذلك الوقت ، فمنذ وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى يومنا هذا اختلفت المدارس الفكرية الكلامية حول نظام الحكم في الإسلام.
لكن رغم كثرة آراء الطوائف الكلامية في
هذا المجال ، فإن الأمر انحصر في مدرستين ، وذلك بعد انقراض مدرسة الخوارج والتي