اتخذت من شعار الحاكمية لله أساساً لنظريتها ، وجعلت الخروج علىٰ الملك الجائر إحدىٰ الطرق للوصول إلىٰ هذا المطلب. لكن الشعار الذي رفعه الخوارج يبقىٰ في مضمونه شعاراً فضفاضاً لا يحتوي علىٰ قاعدة أساسية واُصول تشريعية تضمن له الاستمرار. إذ يبقىٰ السؤال الجوهري إذا كانت الحاكمية لله فبأي طريقة تتم هذه الحاكمية ؟ إذ تغيب الآليات التي تجعل منه حقيقة واقعية. لأن الأرضية العملية مفقودة إذا لم نقل متعدمة لأنه لا بد من شخص قادر علىٰ أن يستوعب طبائع البشر وخصائصهم وحاجاتهم ومتطلباتهم حتىٰ يتمكن من تحقيق هذه الحاكمية الإلهية المطلقة. فكان مآل مدرسة الخوارج كمدرسة سياسية : الانقراض باستثناء بعض البقع الصغيرة التي لا زالت في العالم وخصوصاً في سلطنة عمان والتي تحاول فكرياً أن تندمج مع العالم السني ، بتخليها عن مجموعة من المقومات الفكرية التي قام عليها الخوارج ، وخصوصاً فكرة الخروج علىٰ الإمام الجائر.
ويقول أبو الحسن الأشعري في هذا الباب : والأباضية لا ترىٰ اعتراض الناس بالسيف ، لكنهم يرون ازالة ائمة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه بالسيف او بغيره (١).
كان هذا هو الموقف الاول لكن التاريخ غيّر من موقفهم السياسي ، فأصبحوا وجهاً ثانياً للمدرسة السنية حيث يقول يحيى معمر : إن
______________
(١) مقالة الإسلاميين ، الاشعري ص ١٨٩.