الحد ، بل يصبح تصوير المعارضة بالشكل الذي تريده السلطة أو المؤسسة الفاعلة ، وهذا ما يصادف قول « تولستوي » الذي ذكرناه سالفاً.
وأثناء فعل الكتابة التاريخية ( الاسطوغرافيا ) والتي تعتمد في أساسها علىٰ المرويات يدخل الراوي كفاعل أساسي فيه ، حيث يستحضر في مروياته لفظ الراوي أي بالنمط التقليدي علىٰ نمط قال فلان ، حدثنا فلان ، أو سمعت فلان.
وهنا تحضر شخصية المؤرخ بقوة إذ أنه لا يروي الخبر بقدر ما يستحضر الغائب (١) وهذا الغائب محل استفهام ، أي كيف يمكن قبول قول هذا ورفض قول ذاك ؟ وماهي المعايير المعتمدة في تحديد أهلية الراوي للرواية ؟
وهنا تتداخل الأنات وتدخل السياسة من بابها الواسع وتتبعها النعرات الايديلوجية فلهذا أصبح علم الرجال ضرورة حتمية.
والأمر هنا ليس مرفوضاً لذاته ، بل لطريقة تعاطي المؤرخين والعلماء المختصين به. فيصير بذلك الطعن في الشخص لمجرد ولائه الايديولوجي والذي بالطبع يخالف النمط السياسي المسيطر.
ويقال مثلاً عنه مردود الرواية لأنه رافضي خبيث والتاريخ الإسلامي مليء بهذه النماذج.
______________
(١) كلود برود « التاريخ في ممالك أغنىٰ من ساحل العاج أنال » عدد ٤ ، ١٩٧٩ ص ١١٢٤ بواسطة عبد الله العروي.