الأعلام جاهدين صرف هذا الظهور و حمله على الغسل بوجوه بعيدة واحتمالات متكلفة.
والحاصل : إِنّ هناك اضطراباً في هذا الحديث ـ ذي الطريق الواحد ـ كما بيّنّا ، و هذا الاضطراب يُستشعر بملاحظة متونهِ المتضاربة المتنافية الّتي لا يمكن ترجيح بعضها على بعض ، و وجوه الاضطراب كالآتي :
فأما أوّلاً : فلأن ما أخرجه أبو داود من أنّ ابن عبّاس « رشّ على رجلهِ اليمنى و فيها النعل ثمّ مسحها بيديه ، يد فوق القدم و يد تحت النعل » ، أمرٌ لا يمكن الأخذ به ، لكون مسح ابن عبّاس رجله اليمنى تحت النعل يستلزم أن يكون المُوضَّأ النَّعل لا الرجل ، أي أن المسح يكون لظاهر القدم و أسفل النّعل !! ، هذا مضافا إلى أنّ إحدى اليدين إذا كانت تحت النعل فلا يبقى مجال لصدق غسل الرِّجل بكلتا يديه ، فالتفصيل إذن ينافي الإجمال ، لأنّ الإجمال يدّعي مسح الرجل باليدين معاً و التفصيل يضع إحدى اليدين على القدم و الأخرى تحت النعل !!
اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مبتن على المجاز ، فيكون المقصود من أنّ يده الثانية تحت النعل ، أي تحت موضع النعل ، و هو أسفل القدم و باطنها !
فإن قيل هكذا ، قلنا : إنّ الأصل هو الحقيقة ، و لا يقال بالمجاز إلاّ بدليل أو قرينة حالية أو مقالية ، و الجميع مفقود في المقام.
إنّ القيد الأخير في خبر هشام الذي رواه
أبو داود « يد فوق
القدم ويد تحت النعل » ، و في رواية
الحاكم « و مسح
بأسفل النعلين » فهو حكم لم يقل به أحد من فقهاء الإسلام ، لأنّ الثّابت عندهم هو عدم جواز المسح