من الطرق المسحيّة عن ابن عبّاس ، لرأيت رواته أئمّة حفاظاً ؛ قد روى لهم أئمّة الصحاح والسنن ، و الطريق هو « عبدالرزاق ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار أنّه سمع عكرمة يقول : قال ابن عبّاس ... ».
فعبد الرزاق قد احتج به الجماعة (١) ، وهكذا ابن جريج (٢) ، و مثله عمرو بن دينار (٣) وعكرمة (٤).
و بما أنّ الجماعة قد رووا لهؤلاء و ثبت لكلّ واحد منهم ملازمة طويلة لمن يروي عنه ـ مع أنّ بينهم من هو أعلم بعلم ابن عبّاس من غيره ـ فلماذا لم تُروَ هذه الرواية و أمثالها في صحاح القوم ؟!
ألم يقع هؤلاء البخاري عن سليمان بن بلال ـ الّذي تحتاج روايته إلى تابع ـ و لا يخرّج خبر ابن عبّاس « لا أجد في كتاب الله إلاّ مسحتين و غسلتين » بالإسناد الصحيح المتقدّم ، مع أنّ رواته أئمّة حفّاظ و قد أخرج لهم في مواطن أخرى ؟!! واحتج بهم بشكل ليس معه ريب ؟!!
الرابعة : إنّ الباحث في النصوص المسحيّة عن ابن عبّاس يعرف أنّها نصوص استنكارية فيها إشارة إلى موقف ابن عبّاس الاعتراضي على ثقل الاتّجاه المقابل ، و مثله الحال بالنسبة إلى خبر ابن عقيل ، فإنّ عليّ بن
_______________________________
(١) اُنظر تهذيب الكمال ١٨ : ٥٧.
(٢) اُنظر تهذيب الكمال ١٨ : ٣٣٨.
(٣) اُنظر تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٦٤.
(٤) فقد روى له مسلم مقروناً بغيره ثمّ رجع و احتج به كما احتج به الباقون ( اُنظر تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٦٤ ).