الحسين حينمنا أرسله إلى الربيّع لم يكن لأخذ الحكم عنها ، بل جاء ليسألها عن ادّعائها لوضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، و كيف بهم ـ و هم أهل بيت النّبوة ـ لا يعرفون ما تحكيه عنه صلىاللهعليهوآله ؟!
نعم ، جاءها كي يثبت لها مخالفة ما تدّعيه للثابت المقطوع عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث تواترت الأخبار عنه صلىاللهعليهوآله أنّه كان يتوضأ بالمدّ (١) و يغتسل بالصاع ، و هذا لا يتطابق مع ما ترويه عنه صلىاللهعليهوآله.
و قد فهمتَ الرُبيِّعُ غرضَ ابن عقيل الاستنكاري فقالت له : « و قد جاءني ابن عمّ لك » تعني به ابن عبّاس ، فلمّحت بقولها إلى أنّ الطالبيين لا يرتضون نقلها لمخالفته ما عرفوه من سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله والقرآن الحكيم.
فابن عقيل أكّد إشكاله وسؤاله بصورة أخرى فقال ، « فقلت لها : فبأي شيء كان الإناء ؟
قالت : قدر مدٍّ أو مدٍّ و ربع ».
فجملة « فبأيّ شيءٍ كان الإناء » أراد بها ابن عقيل بيان أمرين :
أوّلهما : إرشادها إلى سقم رؤيتها ، لأنّه صلىاللهعليهوآله لو كان يمسح رأسه مقبلاً و مدبراً ، و يغسل رجليه ثلاثاً لاحتاج إلى أكثر من مدّ ؛ لعدم كفاية المُدّ لغسل تمام أعضاء الوضوء ، و هذا التشكيك من ابن عقيل هو الّذي حدا بالربيع أن تزيد في قدر المدّ !! فقالت : قدر مدّ بالهاشمي أو مدّ وربع.
فإنّها انتبهت إلى عدم إمكان إيفاء المدّ من الماء بمسح الرأس كلّه مقبلاً
_______________________________
(١) و هو قُرابة ٧٥٠ غراماً. و قيل : المدّ هو مِلْءُ كفَّي المعتدل إذا ملاُهما و مَدَّ يَدهُ بهما ؛ و به سُمِّيَ مُدّا. أقرب الموارد ٢ : ١١٩٢ نقلاً عن الفيروزآبادي.