حلالاً أنا أحرّمهما و أعاقب عليهما » (١).
بلى ، إنّها خطوة اتُّخذت لكي لا يجرؤ أحدٌ على مخالفة فتوى الخليفة ، بل ليسلّم الجميع بما يراه ويذهب إليه.
فقد جاء عن أبي موسى الأشعري أنّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك ، فإنّك لا تدري ما أحدث أميرالمؤمنين [ يعني به عمر ] في النسك.
حتّى لقيه بعد فسألهُ ، فقال عمر : قد علمتُ أنّ صلىاللهعليهوآله قد فعله و أصحابه ، و لكنّي كرهت أن يضلوا معرّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم (٢).
إنّ هذا النصّ وأمثاله مما يؤكد فكرة خضوع الأحكام الشرعية لرأي الخليفة ، إذ ترى أبا موسى الأشعري ـ و هو من كبار الصحابة ـ لا يمكنه أن يفتي بحكم المتعة ؛ لأنّه لا يدري ما أحدث أميرالمؤمنين في النسك !! بل يجب عليه التروّي حتى يأتي أمر الخليفة و قراره الأخير فيه !!
فإذا كان هذا فعلهم مع الصحابة الأحياء ، فكيف بالصحابة الأموات و بعد قرون من الزمن ؟! إننا لا نستبعد ـ من أجل تقوية الجناح الحاكم ـ أن ينسبوا إلى أعيان الصحابة قولاً في النهي أو التشريع يوافق ما يذهبُ إليه الخليفة ، و هذا ما فعلوه بالفعل في كثير من المسائل :
_______________________________
(١) احكام القرآن للجصاص ٢ : ١٥٢.
(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٦ / ١٥٧ ، مسند أحمد ١ : ٥٠ ، سنن النسائي ( المجتبى ) ٥ : ١٥٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ٢٠ ، تيسير الوصول ١ : ٣٤٠ / ٣٠ ، سنن ابن ماجة ٣ : ٩٩٢ / ٢٩٧٩.