الابتلاء فأوحى اللّه إليه : إنك لمبتلى في يوم كذا فاحترس » ثم وقع فيما وقع فيه إلى آخر القصة ، فدل أول حكايتهم على أن اللّه تعالى ابتلاه بالبلاء الذي يزيد في منقبته ، فكيف يليق العشق والقتل بذلك؟
( الحادي عشر ) قول داود عليه السلام ( وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ اَلْخُلَطٰاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ وَقَلِيلٌ مٰا هُمْ ) (١) استثنى الذين آمنوا من هذا البغي فإن كان هو الفاعل لذلك وجب أن يكون حاكما على نفسه بعدم الإيمان.
( الثاني عشر ) أن قوله تعالى ( وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنٰا لَزُلْفىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ) (٢) لا يلائم العشق والقتل.
فثبت بهذه الوجوه براءة نبي اللّه داود عما نسبه إليه الجهال.
( فإن قلت ) إن كثيرا من المحدثين روى هذه الحكاية (٣) ( قلت )
__________________
١ ـ سورة ص ، الآية ٢٤.
٢ ـ سورة ص ، الآية ٤٠.
٣ ـ أما هذه الدعوى الباطلة فهي مردودة على من ينسب ذلك الى أرباب الحديث فان أحدا من أصحاب الكتب الصحيحة لم يذكرها ولم يعرج عليها فليس من الانصاف العلمي أن يتهم المحدثون بهذه التهمة الشنيعة ، فان ذلك انما يصدر من قلب موغور عليهم مملوء بالضغينة لهم ، والقصة انما ذكرها المفسرون عن الاسرائيليات. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره قد ذكر المفسرون هاهنا قصة اكثرها مأخوذ عن الاسرائيليات ، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه. ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده لانه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس. ويزيد وان كان من الصالحين ولكنه ضعيف الحديث جدا عند الأئمة ا ه فانظر أيها المنصف الى كلام أهل العلم الذين لا يلقون القول جزافا ولا يقدمون آراءهم على العلم بدعوى خبر الآحاد وانه لا يفيد الا الدعاوى الواهنة ولعل المصنف أراد بلفظ المحدثين ـ بضم الميم وسكون الحاء وفتح الدال. وقال الامام أبو محمد بن حزم ـ بعد أن ساق الآيات ـ : وهذا قول صادق صحيح لا يدل على شيء مما قاله المستهزءون الكاذبون المتعلقون بخرافات ولدها اليهود ، وانما