عرضت عليه الصافنات فإن لفظة ( إذ ) دالة على ذلك ، وكونه أوابا وتاركا للصلاة في زمان واحد محال.
( الثاني ) أن قوله ( أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) لو فسرناه بأني لزمت الخير عن ذكر ربي لكان ذلك منافيا لما أرادوه ، أما إذا فسرناه بأني أتيت حب الخير عن ذكر ربي فربما استقام لهم ما ذكروه ، لكنا بينا أن الأول أولى.
( الثالث ) أن رجوع الضمير في (تورات) إلى الشمس يقتضي ترجيح غير المذكور ، وترجيح البعيد على القريب ، وهو غير جائز وعلى تسليم ذلك فالحكم برجوع الضمير في (ردوها) إلى الصافنات تفريق للضمائر المشاكلة على أشياء متباينة.
( الرابع ) أن قوله تعالى ( فَطَفِقَ مَسْحاً ) لا دلالة فيه البتة على قولهم.
( الخامس ) أن هذه السورة إنما وردت في مناظرة الكفار ، والمقصود من هذه القصص أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالصبر على مشاق التكاليف ، ومتاعب الطاعات. وذلك المعنى لا يليق به ذكر أن الأنبياء كانوا تاركين للصلاة ومتهالكين في حب الدنيا بل التفسير الحق الذي ينطبق اللفظ عليه أن رباط الخيل مندوب إليه في دينهم كما أنه كذلك في ديننا. ثم إن سليمان عليه السلام جلس لتعرض عليه الخيل ، ثم بين أن ذلك لم يكن لحب الدنيا لأن اللّه تعالى أقره على ما قال ( إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) ثم أمر بركضها حتى توارت بالحجاب أي حتى غابت عن بصره ثم أمر بردها ( فَطَفِقَ مَسْحاً ) فطفق يمسح سوقها وأعناقها تشريفا لها وإبانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو. أو لأنه أراد أن يبين عن نفسه أنه في السياسة وحفظ الدين والدنيا بحيث لا يخفى عليه شيء