عَزِيزاً حَكِيماً ) (١) ( وَجَعَلْنٰاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنٰا وَأَوْحَيْنٰا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْرٰاتِ وَإِقٰامَ اَلصَّلاٰةِ وَإِيتٰاءَ اَلزَّكٰاةِ وَكٰانُوا لَنٰا عٰابِدِينَ ) (٢).
وجل اللّه وتعالى أن يضع تلك الإمامة في غير موضعها ، وأن يلقي بأعباء تلك الأمانة العظمى على من لا يليق لها ، وأن يجعل حجته البالغة إلا فيمن يكون أولى بها فإنه العليم الخبير ، العزيز الحكيم ، ولقد زعم عمى القلوب والبصائر وزعم لهم شيطانهم أنهم صالحون لهذه الرسالة فأبوا أن يتبعوا رسل اللّه حتى يكون لهم من الوحي مثل ما يتنزل عليهم فرد اللّه العليم الحكيم عليهم : إن الأمر ليس هملا ، وأن حكمة اللّه أجل أن تضع الأمر إلا حيث يكون أوجب وأولى. وقال ( وَإِذٰا جٰاءَتْهُمْ آيَةٌ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّٰى نُؤْتىٰ مِثْلَ مٰا أُوتِيَ رُسُلُ اَللّٰهِ ، اَللّٰهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسٰالَتَهُ سَيُصِيبُ اَلَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغٰارٌ عِنْدَ اَللّٰهِ وَعَذٰابٌ شَدِيدٌ بِمٰا كٰانُوا يَمْكُرُونَ ) (٣) ( وَقٰالُوا لَوْ لاٰ نُزِّلَ هٰذَا اَلْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ، نَحْنُ قَسَمْنٰا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَرَفَعْنٰا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمّٰا يَجْمَعُونَ ) (٤).
وأن مما لا يشك فيه عاقل أن اللّه العليم الخبير محال أن يتخذ رسولا رجلا تزدريه الأعين وتحقره القلوب ، سلط بوهن أخلاقه ، وحقارة نفسه ، وصغر همته ألسنة الناس عليه بالطعن والإزراء. فكيف يستطيع مثل هذا المهان المرذول أن يكون قدوة في مكارم الأخلاق وأما
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية ١٦٥.
٢ ـ سورة الأنبياء ، الآية ٧٣.
٣ ـ سورة الانعام ، الآية ١٢٤.
٤ ـ سورة الزخرف ، الآية ٣١ ـ ٣٢.