في إيمانه بتكليف النزول عن زوجته طلبا لرضى اللّه تعالى ورضي رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم. وفيه أيضا ابتلاء النبي عليه الصلاة والسلام وتكليفه الحذر عن الأعين لأن حفظ النظر أشق على النفس فقيل له إن لم تحفظ نظرك فربما أبصرت شيئا فاشتهيته لأن الشهوة ليست مقدورة للبشر. وإذا اشتهيته وجب على الزوج طلاقها والنزول عنها فإن أخبرته بذلك تعرضت لسوء المقالة وإن كتمته صرت خائنا في الوحي ، فلأجل الاحتراز عن هذه التوابع كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يبالغ في حفظ النظر وذلك من أشق التكاليف. فهذا ما قيل في هذا الباب.
الشبهة الرابعة
تمسكوا بقوله تعالى : ( مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ حَتّٰى يُثْخِنَ فِي اَلْأَرْضِ) الآيتان (١). والاستدلال من ثلاثة أوجه :
( الأول ) قوله تعالى : ( مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ) وذلك يقتضي أن يكون استبقاء الأسرى محرما.
( الثاني ) قوله : ( تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيٰا) وذلك مذكور في معرض الذم.
( الثالث ) قوله تعالى : ( لَوْ لاٰ كِتٰابٌ مِنَ اَللّٰهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمٰا أَخَذْتُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ) (١).
( الجواب ) الذي يدل على براءة منصب الأنبياء في هذه الواقعة عن كل ما لا ينبغي وجوه :
__________________
١ ـ سورة الانفال آية ٦٧ ـ ٦٨.
٢ ـ سورة الانفال آية ٦٨.