( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (١) ( وَمٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ) (٢) فلما ظهر منه في بعض الأوقات النادرة خلافه عاتبه عليه وعرفه أن ذلك غير مرضي منه فيكون ذلك من باب ترك الأولى ثم السبب في ذلك كما جاء في الخبر « أنه كان يتكلم مع بعض أشراف قريش ويستميله إلى الإسلام رجاء أن يعز به الإسلام وقد كان من الحرص على إسلامهم بحيث قال اللّه تعالى : ـ ( فَلَعَلَّكَ بٰاخِعٌ نَفْسَكَ عَلىٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهٰذَا اَلْحَدِيثِ أَسَفاً) (٣) فحضره هذا الأعمى ولم يعرف كيفية الحال ، فسأل عن مسألة في خلال مكالمة النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الرجل ، فاشتد ذلك عليه إذ كان ذلك قطعا للكلام وإفسادا لما كان يحاوله من إسلام ذلك الرجل فأعرض عنه فنهاه اللّه تعالى عن ذلك ، وأمره بالإقبال على كل من أتاه من شريف ووضيع وغني وفقير بأن لا يخص بدعوته شريفا دون دني إذ الواجب عليه هو التبليغ إلى الكل وليس عليه من امتناع من امتنع عن قبول دعوته تبعة ولا عهدة.
الشبهة التاسعة
قوله تعالى : ( وَلاٰ تَطْرُدِ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَاَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (٤) أي لا تطرد المؤمنين وطردهم كبيرة.
(جوابه) ليس في الظاهر طردهم وإنما فيه النهي عن طردهم بل فيه الدلالة على أنه قال تعالى : ( فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ ) (٥).
__________________
١ ـ سورة آل عمران آية ١٥٩.
٢ ـ سورة الأنبياء آية ١٠٧.
٣ ـ سورة الكهف آية ٦.
٤ ـ سورة الانعام آية ٥٢.
٥ ـ سورة الانعام آية ٥٢.