وعلى الأخص من هذا صفوة الأنبياء وأفضل المرسلين سيدنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم الذي نشئه اللّه أطيب نشأة وأزكاها وأطهرها وأبرأها وأبعدها من كل نقيصة أو دنية حتى كان زينة المجالس في قومه ، ومرجع الأحكام وموئل الكرم ومثال عزة النفس ، فكان موضع سرهم ، وحلال مشكلاتهم وحرز أماناتهم ، فما كان يدعي بينهم إلا بالأمين عليه الصلاة والسلام وحتى قالت له السيدة خديجة حين جاءه الوحي أول مرة وخاف على نفسه أن يعجز عن هذه الوظيفة : « إن اللّه لا يخزيك أبدا إنك لتحمل الكلّ وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق » (١).
وقال الإمام النووي في شرح مسلم في الكلام على حديث ضرب موسى للحجر حين عدا بثوبه ، فخرج يعدو وراءه عريانا ، ويقول : ثوبي حجر ، وطفق ضربا بالحجر يراه بنو إسرائيل فيتبين كذب افترائهم عليه إنه آدر ، قال النووي : ومن فوائد هذا الحديث ما قاله القاضي عياض وغيره : إن الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين منزهون عن النقائص في الخلق والخلق ، سالمون من العاهات والمعايب ، قالوا : ولا التفات إلى ما قاله من لا تحقيق له من أهل التاريخ في إضافة بعض العاهات إلى بعضهم بل نزههم اللّه من كل عيب وكل شيء يبغض العيون أو ينفر القلوب ا ه.
هذا ، وإن السبيل السوي والطريق الأقوم إلى معرفة أولئك الصفوة من خلق اللّه ، الذي سبقت لهم من اللّه الحسنى ، وسبقت لهم على أهل الأرض الأيادي البيضاء إنما هو كلام مصطفيهم ومختارهم ومجتباهم وباعثهم إلى الناس مبشرين ومنذرين ، وهداة مهتدين. ولقد قص اللّه
__________________
١ ـ رواه البخاري مع اختلاف في اللفظ.