بالدعاوى الباطلة والحجج الواهية والقول الزور مما يؤمن كل الإيمان بأن الإمام عليا وولديه الحسنين وذريتهم الطيبين رضي اللّه عنهم في غنى عنه وبراء منه ومن أن يدعي لهم مساواة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الذي أكسبهم اللّه به هذا الشرف والسعادة ، بل وبرآء من أن يدعي لهم مساواة من فضلهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عليهم كأبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما.
ثم ألف من بعده فخر الدين الرازي كتاب عصمة الأنبياء هذا الذي نقدمه للقراء ، وسار فيه على نهج الشريف المرتضى من الحجاج العقلي والإعراض عن النصوص ، ورميها بأنها ظنية ، لأنها خبر آحاد ، أو لأنها لفظية أو نحو ذلك ووقع في مثل ما وقع فيه الشريف المرتضى من الطعن على أهل الحديث الذين هم أعرف الناس بحقوق الأنبياء واتبع الناس لسبيلهم غير أنه أجاد في مواضع من الكتاب على اختصار ونزه كتابه عن دعوى العصمة لغير الأنبياء.
وفاتني أن أعلق على قصة داود في أثناء الطبع بكلام نفيس ذكره الإمام تقي الدين السبكي في فتاويه. فإتماما للفائدة أنقله هنا برمته.
« تكلم الناس في قصة داود عليه السلام وأكثروا. وذلك مشهور جدا. وذكروا أمورا منها ما هو منكر عند العلماء جدا. ومنها ما ارتضاه بعضهم وهو عندي منكر. وتأملت القرآن فظهر لي فيه وجه خلاف ذلك كله. فإني نظرت قوله تعالى : ( فَغَفَرْنٰا لَهُ ذٰلِكَ ) (١) فوجدته يقتضي أن المغفور في الآية. فطلبته فوجدته أحد ثلاثة أمور : إما ظنه أن اللّه فتنه ، وإما اشتغاله بالحكم عن العبادة. وإما اشتغاله بالعبادة عن الحكم ، أشعر به قوله : ( اَلْمِحْرٰابَ ) وذلك أنه صح عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن داود أعبد البشر وكان داود في ذلك اليوم قد انقطع في المحراب للعبادة
__________________
١ ـ سورة ص الآية ٢٥.