الأخيار في كل الأمور. وهذا ينافي صدور الذنب عنهم ، ونظيره قوله تعالى ( اَللّٰهُ يَصْطَفِي مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ اَلنّٰاسِ ) (١) وقوله تعالى ( إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفىٰ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرٰاهِيمَ وَآلَ عِمْرٰانَ عَلَى اَلْعٰالَمِينَ ) (٢) وقال في حق إبراهيم ( وَلَقَدِ اِصْطَفَيْنٰاهُ فِي اَلدُّنْيٰا وَإِنَّهُ فِي اَلْآخِرَةِ لَمِنَ اَلصّٰالِحِينَ ) (٣) وقال في حق موسى عليه الصلاة والسلام ( إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى اَلنّٰاسِ بِرِسٰالاٰتِي وَبِكَلاٰمِي ) (٤) وقال تعالى ( وَاُذْكُرْ عِبٰادَنٰا إِبْرٰاهِيمَ وَإِسْحٰاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي اَلْأَيْدِي وَاَلْأَبْصٰارِ. إِنّٰا أَخْلَصْنٰاهُمْ بِخٰالِصَةٍ ذِكْرَى اَلدّٰارِ ) (٥).
لا يقال : الاصطفاء لا يمنع من فعل الذنب ، بدليل قوله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتٰابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ بِإِذْنِ اَللّٰهِ ) (٦) قسّم المصطفين إلى الظالم والمقتصد والسابق ، لأنّا نقول : الضمير في قوله ( فَمِنْهُمْ ) عائد إلى قوله ( مِنْ عِبٰادِنٰا ) لا إلى قوله ( اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا ) لأن عود الضمير إلى أقرب المذكورين واجب.
( الحجة التاسعة ) قوله تعالى حكاية عن إبليس ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاّٰ عِبٰادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ ) (٧) استثنى المخلصين من إغوائه وإضلاله ، ثم إنه تعالى شهد على إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام أنهم من المخلصين ، حيث قال ( إِنّٰا أَخْلَصْنٰاهُمْ بِخٰالِصَةٍ ) (٨) وقال في حق يوسف عليه الصلاة والسلام ( إِنَّهُ مِنْ عِبٰادِنَا اَلْمُخْلَصِينَ ) (٩)
__________________
١ ـ سورة الحج الآية ٧٥.
٢ ـ سورة آل عمران الآية ٣٣.
٣ ـ سورة البقرة الآية ١٣٠.
٤ ـ سورة الاعراف الآية ١٤٤.
٥ ـ سورة ص الآية ٤٦.
٦ ـ سورة فاطر الآية ٣٢.
٧ ـ سورة ص الآية ٨٣.
٨ ـ سورة ص الآية ٤٦.
٩ ـ سورة يوسف الآية ٢٤.