( وأما السادس ) فجوابه : أنه ليس في الآية إلا أنه أخرج من الجنة عند إقدامه على هذا الفعل ، أو لأجل إقدامه على هذا الفعل ، وذلك لا يدل على أن ذلك الإخراج كان على سبيل التنكيل والاستخفاف ، وكيف واللّه تعالى إنما خلق آدم ليكون خليفه في الأرض؟ فلما كان المقصود الأصلي من خلقه ذلك؛ فكيف يقال : إنه وقع ذلك عقوبة واستخفافا ، الذي يدل على أنه لا بد من المصير إلى الوجوه التي ذكرناها هو أنه عليه الصلاة والسلام لو كان عاصيا في الحقيقة وكان ظالما في الحقيقة لوجب الحكم عليه بأنه كان مستحقا للنار ، لقوله تعالى ( وَمَنْ يَعْصِ اَللّٰهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نٰارَ جَهَنَّمَ ) (١) وبأنه كان ملعونا لقوله تعالى ( أَلاٰ لَعْنَةُ اَللّٰهِ عَلَى اَلظّٰالِمِينَ ) (٢) فلما اجتمعت الأمة على أن ذلك لا يجوز علمنا قطعا أنه لا بد من التأويل وباللّه التوفيق.
الشبهة الثانية
تمسكوا بقوله تعالى ( هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهٰا زَوْجَهٰا لِيَسْكُنَ إِلَيْهٰا فَلَمّٰا تَغَشّٰاهٰا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمّٰا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اَللّٰهَ رَبَّهُمٰا لَئِنْ آتَيْتَنٰا صٰالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ اَلشّٰاكِرِينَ ، فَلَمّٰا آتٰاهُمٰا صٰالِحاً جَعَلاٰ لَهُ شُرَكٰاءَ فِيمٰا آتٰاهُمٰا فَتَعٰالَى اَللّٰهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ ) (٣).
قالوا : لا شك أن النفس الواحدة هي آدم ، وزوجها المخلوق منها هي حواء فهذه الكنايات عائدة إليهما قوله تعالى : ( جَعَلاٰ لَهُ
__________________
١ ـ سورة الجن الآية ٢٣.
٢ ـ سورة هود الآية ١٨.
٣ ـ سورة الأعراف الآية ١٨٩ ـ ١٩٠.