( وثانيها ) قوله خبرا عن نوح ( قٰالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مٰا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاّٰ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ اَلْخٰاسِرِينَ ).
( وثالثها ) قوله ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ ) وفيها قراءتان قراءة الكسائي عمل غير صالح ، والمعنى أن ابنك عمل غير صالح والباقون بالتنوين والرفع. والأول مرجوح لأنه يقتضي إضمار الموصوف (١) وهو على خلاف الأصل فتعينت القراءة الثانية ، والهاء في قوله :
( إنه ) ضمير والضمير لا بد وأن يكون عائدا إلى مذكور سابق والمذكور السابق هاهنا إما السؤال وإما الابن لا يجوز عوده إلى الابن لأن الابن لا يكون عملا غير صالح بل ذا عمل غير صالح ، فيقتضي الإضمار وإنه خلاف الأصل. فثبت أن الضمير عائد إلى السؤال فثبت أن ذلك كان عملا غير صالح.
( والجواب ) : عن الأول أن المفسرين اختلفوا في هذا الابن على ثلاثة أقوال :
( الأول ) فالأكثرون على أنه كان ابنا له لصلبه وهو الأقوى لقوله تعالى ( وَنٰادىٰ نُوحٌ اِبْنَهُ ) ، ثم اختلفوا فمنهم من قال ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك ، وقيل : ليس من أهل دينك وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وعكرمة وميمون بن مهران.
( الثاني ) أنه كان ابن امرأته إلا أنه لاختلاطه بأبنائه وأهل بيته
__________________
١ ـ موصوف (غير) أي عمل عملا غير صالح قال الشريف الرضى : ومع هذه القراءة لا شبهة في رجوع معنى الكلام الى الابن دون سؤال نوح. وقد قوى الشريف هذه القراءة وساق عليها شواهد من كلام العرب.