أطلق عليه لفظ الابن ، كما أن ابليس لاختلاطه بالملائكة اطلق عليه اسم الملك. ويدل عليه قوله (إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي ) ولم : ويروى ذلك عن الباقين (١).
( الثالث ) أنه ولد على فراشه لغير رشدة (٢) ، وهو المروي عن الحسن ومجاهد وابن جريج وعبيد بن عمير.
وهذان القولان ضعيفان ، لقوله تعالى ( وَنٰادىٰ نُوحٌ اِبْنَهُ ) والثالث أضعف لأنه يجب تنزيه منصب الأنبياء عن مثل هذه الفضيحة (٣).
وعن الشبهة الثانية : أنا لا نسلم أنه دعا لابنه مطلقا ، بل يشترط الإيمان لا يقال : فلم قال اللّه تعالى ( فَلاٰ تَسْئَلْنِ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) وقال ( إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) وقال نوح ( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مٰا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ )؟ لأنا نقول : يمتنع أن يكون نوح عليه السلام نهى عن ذلك وإن لم يقع ذلك منه ، كما أن نبينا عليه الصلاة والسلام نهى عن الشرك لقوله تعالى ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) وإن لم يقع ذلك منه؛ فأما قوله تعالى ( إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) فمعناه أن لا تكون منهم. ولا شك أن وعظه تعالى الذي صرف نوحا عليه السلام عن الجهل. وأما قول نوح عليه السلام ( إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مٰا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ) فلا دلالة فيه على أنه فعل ذلك سلمنا أنه دعا له مطلقا ، ولكن لشفقته الطبيعية قال ما قال ، والعقل لا ينكر الدعاء للكافر ، وإنما يمنع منه الشرع ، فلعله دعاء بمقتضى الطبع إلى أن ورد الشرع بالنهي عنه.
__________________
١ ـ وهو قول محمد بن علي الباقر والحسن البصري ، كما يروى ان عليا قرأ « ونادى نوح ابنها » والضمير لامرأته ، (مفاتيح الغيب ٥ / ٦٢).
٢ ـ يريد أنه كان ولد زنى ، يقال : هذا ولد رشدة اذا كان لنكاح صحيح ، أما يقال ضده : ولد زنية.
٣ ـ قال المؤلف عن هذا الرأي في تفسيره ٥ / ٦٣ : وهذا قول خبيث.