العالم له صانع فصار علمه بافتقار العالم إلى الصانع علما جليا خاليا عن الشبهات ثم لما عرف وجود الصانع عرف أنه لا بد من القيام بشكره والاشتغال بطاعته ، فقال بعد ذلك ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضَ ) فكان المعنى : وجهت وجهي إلى ذلك الشيء (١) الذي ظهر في عقلي كونه فاطر السموات والأرض.
( السؤال التاسع ) : أنه لم يحتج إلا بحركة الكوكب على حدوثه فمن أين حكم بذلك على السموات والأرض بالحدوث ، والحاجة إلى المحدث؟
( جوابه ) : لما ثبت أن جسما ما محدث فكل جسم محدث لأن الأجسام كلها مماثلة ، وحكم الشيء حكم مثله ، وفي هذا الموضع تنبيه على أنه تعالى ليس بحسم من وجهين ( الأول ) أنه لما ثبت حدوث جسم فرع على تلك الدلالة حدوث جسم آخر ، وذلك إنما يصح إذا كانت الأجسام كلها متماثلة وذلك ينفي كونه تعالى جسما. (الثاني) أنه تعالى لو كان جسما لقال وجهت وجهي إلى الذي ، فلما قال (للذي) ولم يقل إلى الذي ، دل ذلك على أنه تعالى ليس بجسم.
( السؤال العاشر ) : لم قال ( وَمٰا أَنَا مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ) وأي دلالة في حدوث الأجسام على نفي الشرك ، والظاهر أنه لا يجوز أن يرتب على الدليل ما لا يكون لازما منه.
( جوابه ) : لما عرف حدوث الأجسام عرف أنّ محدثه قادر. وعرف
__________________
١ ـ التعبير بالشيء هنا في غاية الجفاء والسماجة ، وما ذا كان عليه لو قال ـ الى اللّه الذي ـ والذي جره الى هذا التعبير : انسياقه في هذا الحديث الذي لا قيمة له في اثبات عقيدة ولا لزوم له في تنزيه ابراهيم عليه السلام وكم جرت هذه البحوث المتكلفة الى فساد في التفكير وأبعدت عن هدى أصدق المؤمنين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه وتابعيهم.