من العمل لأن الاعتقاد أرواح والأعمال قوالب ، والكمال لا يحصل إلا باجتماعهما وباللّه التوفيق.
( السؤال الرابع عشر ) : لم قدم السموات على الأرض؟
( جوابه ) : إن الاستدلال كان أولا على الكواكب والمجانسة بينها وبين الأفلاك أشد ، ثم بينها وبين العناصر ، فلذلك قدم السموات لأنها أشرف وأقوى وأعظم فأشكالها أشرف الأشكال وهو المستدير وألوانها أحسن الألوان وهو المستنير فأجسامها أصلب الأجسام فإنها السبع الشداد ، وهي محل البركات : ومنها تنزل الخيرات فلما فاقت السفليات في هذه الصفات قدمها في الذكر.
( الشبهة الثانية ) تمسكوا بقول اللّه تعالى مخبرا عن إبراهيم لما قال له قومه : ( أَأَنْتَ فَعَلْتَ هٰذٰا بِآلِهَتِنٰا يٰا إِبْرٰاهِيمُ؟ قٰالَ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هٰذٰا ) (١) وإنما عنى بالكبير الصنم وهذا كذب لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي كسر الأصنام فإضافة كسرها إلى غيره لا يكون إلا كذبا.
( الجواب ) : من وجوه (٢).
( الأول ) أنه كناية عن غير مذكور أي فعله من فعله. و ( كَبِيرُهُمْ هٰذٰا ) ابتداء كلام. وروى عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله تعالى ( بَلْ فَعَلَهُ ) ثم يبتدئ ( كَبِيرُهُمْ هٰذٰا ).
( الثاني ) أنه يجوز أن يكون فيه وقف عند قوله تعالى ( كَبِيرُهُمْ
__________________
١ ـ سورة الأنبياء الآية ٦٢ ـ ٦٣.
٢ ـ ذكر المؤلف في تفسيره جوابا كان الاولى لو قاله هنا مفاده : لم يقصد ابراهيم أن ينسب الفعل الصادر عنه الى الصنم وانما قصد تقريره لنفسه واثباته لها على أسلوب تعريضي يبلغ فرضه من الزامهم الحجة وتبكيتهم ٦ / ١٢٩.