هٰذٰا فَسْئَلُوهُمْ ) والمعنى بل فعله كبيرهم وعنى نفسه لأن الإنسان أكبر من كل صنم.
( الثالث ) أن يكون في الكلام تقديم وتأخير كأنه قال : بل كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم فيكون إضافة الفعل إلى كبيرهم مشروطة بكونهم ناطقين ، فلما لم يكونوا ناطقين امتنع أن يكونوا فاعلين.
( الرابع ) أنه ذكر إلزاما على قولهم ، لأنه لما كان هو الإله الأكبر فكسر خدمه المقربين لديه لا يصدر إلا عنه.
( الخامس ) قرأ بعضهم (فعلّه كبيرهم هذا) أي فلعله ، وعلى هذا لا يكون كذبا لدخول حرف الشك (١).
( الشبهة الثالثة ) قوله تعالى مخبرا عن إبراهيم ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي اَلنُّجُومِ فَقٰالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٢) والاستدلال من وجهين : ( الأول ) تمسك بعلم النجوم وهو غير لازم ( الثاني ) قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ ) وهو كذب.
( الجواب ) قيل : أراد بنظره في النجوم والقمر والشمس حال كونه طالبا لمعرفة اللّه تعالى. وقوله : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) أي لست على يقين من الأمر. ثم لما استدل بأفولها وغروبها على حدوثها وعرف اللّه تعالى زال ذلك الشك. وهذا ضعيف لأن اللّه تعالى قال : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرٰاهِيمَ إِذْ جٰاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إِذْ قٰالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مٰا ذٰا تَعْبُدُونَ ) (٣)
__________________
١ ـ قال الامام أبو محمد بن حزم : انما هو تقريع لهم وتوبيخ ، كما قال تعالى : ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْكَرِيمُ ) وهو في الحقيقة مهان ذليل معذب في النار فكلا القولين توبيخ ظن قبلا له على ظنهم أن الأصنام تفعل الخير والشر وعلى ظن المعذب في نفسه في الدنيا انه كريم عزيز. ولم يقل ابراهيم هذا على أنه محقق لأن كبيرهم فعله. اذ الكذب انما هو الاخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه قصدا الى تحقيق ذلك.
٢ ـ سورة الصافات الآية ٨٨ ـ ٨٩.
٣ ـ سورة الصافات الآية ٨٣ ـ ٨٥.