لعل الخصوم يطالبونني. بمعجزات غريبة فسأل اللّه تعالى عن هذه الغريبة.
فقال ( أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَلٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) على أنك تجيبني في كل ما أطلب. وبالجملة قوله ( وَلٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) غير متعلق في الآية على شيء معين فلك أن تصرفه إلى أي شيء شئت سوى الإيمان.
( الشبهة السادسة ) قالوا : إن إبراهيم عليه السلام استغفر لأبيه.
وأبوه كان كافرا والاستغفار للكافر غير جائز. فثبت أن إبراهيم عليه السلام فعل ما لا يجوز فعله إنما قلنا : إنما استغفر لأبيه لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام ( سَلاٰمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ) (١) وقوله : ( وَاِغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كٰانَ مِنَ اَلضّٰالِّينَ ) (٢) وأما إن أباه كان كافرا فذلك بنص القرآن وبالإجماع. وأما أن الاستغفار للكافر لا يجوز لوجهين ( الأول ) قوله تعالى ( مٰا كٰانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ) (٣) فثبت بهذه المقدمات أن إبراهيم عليه السلام فعل ما لا يجوز ( الثاني ) قوله تعالى في سورة الممتحنة ( قَدْ كٰانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرٰاهِيمَ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قٰالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّٰا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمّٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ كَفَرْنٰا بِكُمْ وَبَدٰا بَيْنَنٰا وَبَيْنَكُمُ اَلْعَدٰاوَةُ وَاَلْبَغْضٰاءُ أَبَداً حَتّٰى تُؤْمِنُوا بِاللّٰهِ وَحْدَهُ إِلاّٰ قَوْلَ إِبْرٰاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) (٤) فأمر بالتأسي به إلا في هذا الفعل فوجب أن يكون ذلك معصية منه.
( والجواب ) لا نزاع إلا في قولكم الاستغفار لا يجوز. والكلام عليه من وجوه :
__________________
١ ـ سورة مريم الآية ٤٧.
٢ ـ سورة الشعراء الآية ٨٦.
٣ ـ سورة التوبة الآية ١١٣.
٤ ـ سورة الممتحنة الآية ٤.