حال القدرة فلما قتل فقد ترك المندوب ، فقوله : (هٰذٰا مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ) معناه إقدامي على ترك المندوب من عمل الشيطان.
( الثاني ) أن يكون المراد أن عمل المقتول عمل الشيطان ، والمراد بيان كونه مخالفا للّه تعالى مستحقا للقتل ، ويكون قوله : (هذا) إشارة إلى المقتول بمعنى أنه من جند الشيطان وحزبه ، يقال : فلان من عمل الشيطان أي من أصحابه. فأما قوله : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) فعلى نهج قول آدم : ( ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا ) (١) والمراد أحد الوجهين إما على سبيل الانقطاع إلى اللّه تعالى والاعتراف بالتقصير عن القيام بحقوقه وإن لم يكن هناك ذنب قط ، أو من حيث حرم نفسه الثواب على فعل المندوب ، وأما قوله : ( فَاغْفِرْ لِي ) فالمراد اقبل مني هذه الطاعة والانقطاع إليك. وأما قوله : ( فَعَلْتُهٰا إِذاً وَأَنَا مِنَ اَلضّٰالِّينَ ) فلم يقل : إني صرت بذلك ضالا ولكن فرعون لما ادعى أنه كان كافرا إلى حال القتل نفى عن نفسه كونه كافرا في ذلك الوقت فاعترف بأنه كان ضالا أي متحيرا لا يدري ما يجب عليه أن يفعله وما يريده في ذلك واللّه أعلم (٢).
( الشبهة الثانية ) كيف لموسى عليه السلام أن يقول لرجل من شيعته يستصرخه ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) (٣)؟
( جوابه ) : إن قوم موسى عليه السلام كانوا غلاظا جفاة. ألا ترى إلى قولهم بعد مشاهدة الآيات ( اِجْعَلْ لَنٰا إِلٰهاً كَمٰا لَهُمْ آلِهَةٌ ) (٤) وكان المراد ذلك.
__________________
١ ـ سورة الاعراف ، الآية ٢٣.
٢ ـ وقد زاد المؤلف جوابا على ذلك في تفسيره (٦ / ٤٦٧) : وان سلمنا أن هذه معصية لكن لا دليل على انه كان رسولا في ذلك الوقت.
٣ ـ سورة القصص ، الآية ١٨.
٤ ـ سورة الاعراف ، الآية ١٣٨.