( الشبهة الثالثة ) : لما قال اللّه تعالى ( أَنِ اِئْتِ اَلْقَوْمَ اَلظّٰالِمِينَ ) فلم قال في جوابه ( إِنِّي أَخٰافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاٰ يَنْطَلِقُ لِسٰانِي فَأَرْسِلْ إِلىٰ هٰارُونَ ) (١) وهذا استغناء عن الرسالة؟
( جوابه ) : ليس هذا استغناء عن الرسالة ، ولكنه إذن في أن يسأل ضم أخيه إليه في الرسالة على ما ذكره اللّه تعالى في قوله في سورة طه (٢) ( وَهَلْ أَتٰاكَ حَدِيثُ مُوسىٰ ) إلى قوله ( وَاِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) فقال اللّه تعالى ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰا مُوسىٰ ) وكان في ذلك السؤال مأذونا فاندفع السؤال.
( الشبهة الرابعة ) : كيف جاز لموسى أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصي وذلك سحر وتلبيس وكفر ، والأمر بمثله لا يجوز؟
( جوابه ) : ذلك الأمر كان مشروطا والتقدير : ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين ، كما في قوله تعالى ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) (٣) أي إن كنتم قادرين ، وأيضا لما تعين ذلك طريقا إلى كشف الشبهة صار جائزا.
( الشبهة الخامسة ) ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً ) (٤) أو ليس خوفه يقتضي شكه فيما أتى به؟
( جوابه ) لعله خاف لأنه رأى من قوة التلبيس ما أشفق عنده من وقوع الشبهة على بعض الناس فآمنه اللّه منه وبين أن حجته تتضح للقوم بقوله تعالى ( لاٰ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْأَعْلىٰ ) (٥).
__________________
١ ـ الآيات في هذه الشبهة ١٠ ـ ١٣ من الشعراء.
٢ ـ سورة طه ، الآية ٩ ـ ٣٦.
٣ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٣.
٤ ـ سورة طه ، الآية ٦٧.
٥ ـ سورة طه ، الآية ٦٨.