( الشبهة السادسة ) ( وَأَلْقَى اَلْأَلْوٰاحَ ) الآية (١) ، فلا يخلو إما أن يكون قد صدر الذنب عن هارون عليه السلام ما استحق به ذلك التأديب أو لم يصدر عنه فصدر عن موسى عليه السلام ، وأيضا فلأن هارون نهى موسى في قوله ( لاٰ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ) (٢) فإن كان موسى عليه السلام مصيبا فيما فعله كان هارون عاصيا في منعه عن فعل الصواب.
وإن كان هارون عليه السلام مصيبا في ذلك المنع كان موسى عليه السلام عاصيا في ذلك الفعل.
( جوابه ) أما من جوز الصغائر عليهم فقد حمل الواقعة عليه وزال السؤال.
وأما من أباها فله وجهان :
( الأول ) أن موسى أقبل وهو غضبان على قومه ، فأخذ برأس أخيه وجره إليه كما يفعل الإنسان بنفسه في مثل ذلك الغضب ، فإن المفكر الغضبان قد يعض على شفتيه ويقلب أصابعه ويقبض على لحييه ، فأجرى موسى عليه السلام أخاه مجرى نفسه لأنه كان شريكه فصنع به ما يصنع الرجل بنفسه في حال الفكر والغضب. وأما قوله (لاٰ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي) فلا يمتنع أن يكون هارون خاف أن يتوهم بنو إسرائيل بسوء ظنهم أنه منكر عليه معاتب له ، ثم أخذ في شرح القصة ، وقال في موضع آخر ( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرٰائِيلَ ) (٣) وفي موضع آخر ( اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي ) (٤)
__________________
١ ـ سورة الاعراف ، الآية ١٥٠.
٢ ـ سورة طه ، الآية ٩٤.
٣ ـ سورة طه ، الآية ٩٤.
٤ ـ سورة الاعراف ، الآية ١٥٠.