والمقام المحمود هو مقام الشفاعة الكبرى كما قال تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) والمقام المعلوم أي في القرب والكمال إشارة إلى قوله تعالى (وما منا إلا له مقام معلوم) في بطن الاية كما مر ، لا تزغ قلوبنا أي لا تملها إلى الباطل «أن كان» أن مخففة من المثقلة «وعد ربنا لمفعولا» أي ما وعده لنا من إجابة الدعوات وتضعيف المثوبات.
لا يأتى عليها إلا رضاكم أي لا يذهبها ولا يمحوها إلا رضاكم عنا وشفاعتكم لنا ، يقال أتى عليه الدهر أي أهلكه ، لما استوهبتم كلمة لما إيجابية بمعنى إلا أي أسئلكم واقسم عليكم في جميع الاحوال إلا حال الاستيهاب الذي هو وقت حصول المطلب ، ولا قال أي مبغض ، ولا مال من الملال ، وأعلا كعبي بموالاتكم أى غلبنى على أعدائي بأن يجعلهم تحت قدمي ، أو المراد مطلق العلو والرفعة ، وقال الجزري (١) في حديث قيلة والله لا يزال كعبك عاليا ، هو دعاء لها بالشرف والعلو انتهى.
والاخبات الخضوع ، اجعلوني في همكم أى فيمن تهتمون لامورهم ، ولكم العناية في شأنهم بالشفاعة لهم في الدنيا والاخرة.
أقول : إنما بسطت الكلام في شرح تلك الزيارة قليلا وإن لم أستوف حقها حذرا من الاطالة لانها أصح الزيارات سندا ، وأعمها موردا ، وأفصحها لفظا وأبلغها معنى ، وأعلاها شأنا (٢).
__________________
(١) النهاية ج ٤ ص ٢٣.
(٢) لقد عكف كثير من الاعلام على شرح هذه الزيارة اهتماما بها فشرحوا بعض ما ورد فيها مما يوجب الايهام وأوضحوا بعض ألفاظها ومعانيها المغلقة دفعا للاعتراض وردا للانتقاد وقد ذكر جملة منهم شيخنا الحجة الرازى دام ظله في كتابه الذريعة والى القارئ أسماء من ذكرهم في خصوص ج ١٣ ـ وهم.
١ ـ الشيخ أحمد بن زين الدين
الاحسائى المتوفى ١٢٤٣ أو ٤١ وشرحه مطبوع وعندى منه نسخة مخطوطة كتبت في حياة المؤلف في سنة ١٢٣٨ بعد تأليفه