وأيّكم شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً.
يزيد ، ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك (١) ، إني لاستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك ، واستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرى. ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء! فهذه الأيدي تنطف (٢) من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا (٣) ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل (٤) ، وتعفرها اُمّهات الفراعل (٥).
ولئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد إلاّ ما قدمت يداك ، (وما ربّك بظلاّمٍ للعبيدِ) (٦) ، وإلى الله المشتكى ، وعليه المعوّل. فكد كيدك ، واسعَ سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، وهل رأيك إلاّ فند (٧) ، وأيامك إلاّ عدد ، وجمعك إلاّ بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
فالحمد لله ربِّ العالمين الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة
__________________
(١) الدواهي : جمع داهية ، وهي النازلة بالإنسان من بلاء وغيره.
(٢) تنطف (بكسر الطاء وضمها) : أي تقطر.
(٣) تنحلب عينه وفوه : أي سالا. (القاموس)
(٤) العواسل : الذئاب السريعة العدو.
(٥) اُمّهات الفراعل : تريد بها الضباع ، جمع فرعل ، وهو ولد الضبع.
(٦) سورة فصلّت / ٤٦.
(٧) الفند : الكذب ، ويقال لضعف الرأي : الفند.