والأحزان ، وظهر بذلك شدتهم على الكفار ، كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن ، وكانوا من التواصل على أهل الإسلام والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه ، فاستحقوا الوصف في الذكر والبيان.
فأما إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات ، فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس ، فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخير الله تعالى عنهم في متقدم الكتب ، واستغنينا بما عرفنا لهم مما شرحناه في استقراء غيرهم ، ممن قد ارتفع في حاله الخلاف ، وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق.
ثم نظرنا فيما ادعاه الخصوم لأجل أئمتهم وأعظمهم قدرا عندهم من مشاركة من سميناه فيما ذكرنا من الصفات وبيناه ، فوجدنا هم على ما قدمناه من الخروج عنها واستحقاق أضدادها على ما رسمناه.
وذلك أنه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ، ولا عرف لهم قتيل من الكفار ، ولا كلم كلاما في نصرة الإسلام ، بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال ، وفر في يوم خيبر واحد وحنين ، وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار ، وولوا الأدبار مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان ، وأسلموا النبي صلىاللهعليهوآله للحتوف (١) في مقام بعد مقام ، فخرجوا بذلك عن الشدة على الكفار ، وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال ، وبطل أن يكونوا
__________________
(١) في ب ، م : للخوف.