وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن أبا سفيان أسلم قبل الفتح بأيام ، وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله الأمان لمن دخل داره تكرمة له وتمييزا عمن سواه ، وأسلم معاوية قبله في عام القضية (١) وكذلك كان إسلام يزيد بن أبي سفيان (٢).
وقد كان لهؤلاء الثلاثة من الجهاد بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان ، لأن أبا سفيان أبلى يوم حنين بلاء حسنا ، وقاتل يوم الطائف قتالا لم يسمع بمثله في ذلك اليوم لغيره ، وفيه ذهبت عينه ، وكانت راية رسول الله صلىاللهعليهوآله مع ابنه يزيد بن أبي سفيان ، وهو يقدم بها بين يدي المهاجرين والأنصار.
وقد كان أيضا لأبي سفيان بعد النبي صلىاللهعليهوآله مقامات ومعروفة في الجهاد ، وهو صاحب يوم اليرموك ، وفيه ذهبت عينه الأخرى ، وجاءت الأخبار أن الأصوات خفيت فلم يسمع إلا صوت أبي سفيان ، وهو يقول : يا نصر الله اقترب. والراية مع ابنه يزيد ، وقد كان له بالشام وقائع مشهورات (٣).
ولمعاوية من الفتوح بالبحر وبلاد الروم والمغرب والشام في أيام عمر وعثمان وأيام إمارته وفي أيام أمير المؤمنين عليهالسلام وبعده ما لم يكن لعمر
__________________
(١) كان معاوية يقول أنه أسلم عام القضية وكتم إسلامه من أبيه وأمه. أنظر أسد الغابة ٤ : ٣٨٥.
(٢) أسلم يوم فتح مكة. أنظر سير أعلام النبلاء ١ : ٣٢٩ ، أسد الغابة ٥ : ١١٢.
(٣) أنظر الإصابة ٣ : ٢٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٠٦.