إلى معارضته ، ومزقت الصحيفة ، وبطل مفعولها.
وخرج الهاشميون حينئذ من شعب أبي طالب رضوان الله تعالى عليه (١).
حنكة .. وإيمان :
وإن من يطالع أحداث ما قبل الهجرة النبوية الشريفة يجد الشواهد الكثيرة الدالة على حنكة أبي طالب وحكمته عليهالسلام.
وخير شاهد نسوقه هنا على ذلك ، هو ما ذكرناه آنفاً ، من أنه طلب منهم أن يحضروا صحيفتهم ، ومزج ذلك بالتعريض بإمكان أن يكون ثمة صلح في ما بينهم وبينه. وذلك من أجل أن لا تفتح الصحيفة إلا علناً ، بحيث يراها كل أحد ، وأيضاً ، حتى يهيئهم للمفاجأة الكبرى ، ويمهد السبيل أمام طرح الخيار المنطقي عليهم ، ليسهل عليهم تقبله ، ثم الالتزام به.
ولاسيما إذا استطاع أن ينتزع منهم وعداً بما يريد ، ويضعهم أمام شرف الكلمة ، وعلى محك قواعد النبل واحترام الذات ، حسب المعايير التي كانوا يتعاملون على أساسها ..
وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد ، حتى ليصيح الناس : أنصفتنا يا أبا طالب.
ثم تبرز لنا من النصوص المتقدمة حقيقة أخرى ، لها أهميتها
__________________
(١) راجع فيما تقدم : السيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٤٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ١٦ ودلائل النبوة ط دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٣١٢ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٨٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٣٧ و ١٣٨ ط دار المعرفة وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣١ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٨٥ و ٨٦.