المنكرات جهارا عيانا بلا خجل ولا حياء ، حتى احتقرهم كرام الناس ، ولم يروهم أهلا لمعاشرة ولا معاملة.
الإيضاح
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) أي ولقد عرفتم نبأ الذين تجاوزوا منكم الحدّ الذي رسمه لهم الكتاب ، وركبوا ما نهاهم عنه من ترك العمل الدنيوي ، والتفرغ للعمل الأخروى يوم السبت ، وسيأتى إيضاح هذا في سورة الأعراف.
(فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) أي فصيرناهم مبعدين عن الخير أذلاء صاغرين ، روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال : ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم ، فلا تقبل وعظا ، ولا تغى زجرا.
وقد مثّل الله حالهم بحال القردة كما مثّلوا بالحمار في قوله : «(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) (لم يعملوا بما فيها) (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)».
وذهب جمهور العلماء إلى أنهم مسخت صورهم فصارت صور القردة ، وروى أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) الطاغوت : الشيطان.
قال الأستاذ الإمام : والآية ليست نصا في رأى الجمهور ولم يبق إلا النقل ، ولو صح ما كان في الآية عبرة ولا موعظة للعصاة ، لأنهم يعلمون بالمشاهدة أن الله لا يمسخ كل عاص فيخرجه عن نوع الإنسان ، إذ ليس ذلك من سنته في خلقه ، وإنما العبرة الكبرى فى العلم بأن من سنن الله في الذين خلوا من قبل ـ أن من يفسق عن أمره ويتنكّب الصراط الذي شرعه له ينزله عن مرتبة الإنسان ويلحقه بعجماوات الحيوان ، وسنة الله واحدة ، فهو يعامل القرون الحاضرة بمثل ما عامل به القرون الخالية ا ه.