(وَقُلْنَا اهْبِطُوا) المأمور بالهبوط آدم وزوجه وإبليس ، وهو المأثور عن ابن عباس ومجاهد وكثير من السلف ، ويشهد له قوله «بعضكم لبعض عدو» إذ العداوة بين الشيطان والإنسان.
(بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) أي اهبطوا متعادين يبغى بعضكم على بعض بتضليله.
(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) أي إن استقراركم في الأرض وتمتعكم فيها ينتهيان إلى وقت محدود وليسا بدائمين كما زعم إبليس حين وسوس لآدم ، وسمى الشجرة المنهىّ عنها شجرة الخلد.
وفي هذا إشارة إلى أن الإخراج من جنة الراحة إلى الأرض للعمل فيها لا للفناء ولا للمعاقبة بالحرمان من التمتع بخيراتها ولا للخلود فيها.
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) أي إن الله تعالى ألهمه كلمات فعمل بها فأناب إليه ـ وهى كما روى عن ابن عباس : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وروى عن ابن مسعود أنها : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله إلا أنت ، ظلمت نفسى ، فاغفرلى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
(فَتابَ عَلَيْهِ) التوب الرجوع ، فإذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية إلى الطاعة ، وإذا وصف به الباري تعالى أريد به الرجوع عن العقوبة إلى المغفرة.
ولا تكون التوبة مقبولة من العبد إلا بالندم على ما كان ، وبترك الذنب الآن وبالعزم على ألا يعود إليه في مستأنف الزمان ، وبردّ مظالم العباد ، وبإرضاء الخصم بإيصال حقه إليه والاعتذار له باللسان.
والخلاصة ـ إنه تعالى قبل توبته وعاد إليه بفضله ورحمته.
(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التواب هو الذي يقبل التوبة عن عباده كثيرا ، فمهما اقترف العبد من الذنوب وندم على ما فرط منه وتاب تاب الله عليه ، والرّحيم هو الذي يحفّ عباده برحمته إذا هم أساءوا ورجعوا إليه تائبين.