لحسن العمل وقبول ذلك منهم ، الرّحيم بالتائبين المنجّى لهم من عذابك وسخطك.
(رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) أي ربنا وأرسل في الأمة المسلمة لك رسولا من أنفسهم ليكون أشفق عليهم ، ويكونوا أعزّ به ، وأقرب لإجابة دعوته ، إذ أنهم يكونون قد خبروه وعرفوا منشأه ودرسوا فاضل أخلاقه من صدق وأمانه وعفة ونحو ذلك مما هو شرط في صحة نبوّة النبي.
وقد أجاب الله دعوته ، وأرسل خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا منهم ، ومن ثمّ روى الإمام أحمد قوله صلى الله عليه وسلم : «أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى».
(يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) أي يقرأ عليهم ما توحى إليه من الآيات التي تنزلها عليه ، متضمنة تفصيل الآيات الكونية الدالة على وحدانيتك ، ومشتملة على إمكان البعث والجزاء ، بالثواب على صالح الأعمال والعقاب على سيئها ، فيكون في ذلك عبرة لمن هداه الله ووفقه للخير والسعادة.
(وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي ويعلمهم القرآن وأسرار الشريعة ومقاصدها بسيرته بين المسلمين فيكون قدوة لهم في أقواله وأفعاله.
(وَيُزَكِّيهِمْ) أي ويطهر نفوسهم من الشرك وضروب المعاصي التي تدسّيها وتفسد الأخلاق وتقوّض نظم المجتمع ، ويعوّدها الأعمال الحسنة التي تطبع فيها ملكات الخير التي ترضى المولى جلّ وعلا.
(إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي إنك أنت القوى الذي لا يغلب ولا ينال بضيم من توكل عليك ، الحكيم في أفعالك في عبادك ، فلا تفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
وقد ختم إبراهيم دعواته بالثناء على ربه ، وذكر له من الأوصاف ما يشاكل مطالبه ، فوصفه بأنه العزيز الذي لا يردّ له أمر ، وأنه الحكيم الذي لا معقّب لحكمه ،