(كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أي كلما رزقوا من الجنة رزقا من بعض ثمارها قالوا هذا الذي وعدنا به في الدنيا جزاء على الإيمان وصالح العمل ، فهو من وادي قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ).
(وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) أي إن رزق الجنة وثمرها يتشابه على أهلها في صورته ويختلف فى طعمه ولذته.
(وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) أي ولهم في الجنات أزواج تطهرن غاية التطهر ، فليس فيهنّ ما يعبن عليه من خبث جسدى مما عليه النساء في الدنيا كالحيض والنفاس ، أو نفسىّ كالكيد والمكر وسائر مساوى الأخلاق.
وصحبة الأزواج في الآخرة من الأمور الغيبية التي نؤمن بها كما أخبر الله ، ولا نبحث فيما وراء ذلك ، فأطوار الآخرة أعلى مما في حياتنا الدنيا ، فهى سالمة من المنغّصات فى الطعام والشراب والمباشرة الزوجية ، روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ، ولا يتفلون ولا يبولون ، ولا يتغوّطون ولا يتمخّطون ، قالوا فما بال الطعام ، قال جشاء ورشح كرشح المسك ، ويلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النّفس».
(وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) الخلود لغة : المكث الطويل ، قال في الأساس : ومن كلامهم خلد فلان في السجن ، أي أقام طويلا ، ويراد به في لسان الشرع الدوام الأبدى أي وهم لا يخرجون منها ولا هى تفنى وتزول ، بل هى حياة أبدية لا تنتهى.
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ