لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٦٩) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠))
المعنى الجملي
بعد أن أزال سبحانه فى الآيات السالفة ما كان لليهود من شبهة ، فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بشهادة الله بما أنزل عليه مما لم يستطع البشر أن يأتوا بمثله ـ أنذر فى هذه الآيات من يصرّ منهم على الكفر ، ويستمر على الإعراض والظلم ، وبيّن لهم سوء العاقبة.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً) أي إن الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وصدوا غيرهم عن سبيل الله بإلقاء الشبهات فى قلوبهم كقولهم : لو كان رسولا لأتى بكتابه دفعة واحدة من السماء كما نزلت التوراة على موسى ، وقولهم : إن الله تعالى ذكر فى التوراة أن شريعة موسى لا تبدل ولا تنسخ إلى يوم القيامة ، قد ضلوا ضلالا بعيدا ، لأن أشد الناس ضلالا من كان ضالّا ويعتقد فى نفسه أنه محق ، ويتوسل بذلك الضلال إلى اكتساب المال ، فهو قد سار فى سبيل الشيطان ، وبعد عن سبيل الله ، فلم يعد يفقه أنها هى الموصلة إلى خير العاقبة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) أي إن الذين كفروا بما أنزل إليك ، وظلموا أنفسهم بإعراضهم عن الطريق الموصل إلى الخير والسعادة وظلموا غيرهم بإغوائهم إياهم بزخرف قولهم ، وسوء سيرتهم ، وصدهم عن الصراط المستقيم ـ