الإيضاح
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) حب الله لشىء هو الرضا به والإثابة عليه ، والجهر يقابل السر والإخفاء ، والسوء من القول ما يسوء من يقال فيه كذكر عيوبه.
ومساويه التي تؤذى كرامته.
والمعنى ـ أنه تعالى لا يحب من عباده أن يجهروا فيما بينهم بذكر العيوب والسيئات لما فى ذلك من المفاسد الكثيرة التي أهمها :
١) إنه مجلبة للعداوة والبغضاء بين من يجهر بالسوء ومن ينسب إليه هذا السوء ، وقد يصل الأمر إلى هضم الحقوق وسفك الدماء.
٢) إنه يؤثر فى نفوس السامعين تأثيرا ضارا بهم ، فقد جرت العادة بأن الناس يقتدى بعضهم ببعض ، فمن رأى إنسانا يسبّ آخر لضغائن بينه وبينه ، أو لكراهته إياه قلده فى ذلك ، ولا سيما إذا كان من الأحداث الذين يغلب عليهم التقليد أو من طبقة دون طبقته ، إذ عامة الناس يقلدون خواصهم ، فإذا ظهرت المنكرات فى الخاصة لا تلبث أن تصل إلى العامة وتفشو بينهم. ومن تميل نفسه إلى منكر أو فاحشة يجترئ على ارتكابهما إذا علم أن له سلفا وقدوة فيهما ، فسماع السوء كعمل السوء فذاك يؤثر فى نفس السامع وهذا يؤثر فى نفس الرائي والناظر ، وأقل هذه الأضرار أنه يضعف فى النفس استقباحه واستبشاعه خصوصا إذا تكرر السماع أو النظر.
وكثير من الناس يجهل مبلغ تأثير الكلام فى القلوب ، فلا ينزهون ألسنتهم عن السوء من القول ولا أسماعهم عن الإصغاء إليه.
والخلاصة ـ إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول ولا الإسرار به ، إذ هو قد نهى عن النجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، لكنه خص الجهر هنا بالذكر لمناسبة بيان مفاسد الكفار والمنافقين فى هذا السياق.