فسأل جبلة التأخير إلى الغد ، فلما كان من الليل ركب مع بنى عمه ولحق بالشام مرتدا.
وروى أنه ندم على ما فعل وأنشد :
تنصّرت بعد الحق عارا للطمة |
|
ولم يك فيها لو صبرت لها ضرر. |
فأدركنى منها لجاج حميّة |
|
فبعت لها العين الصحيحة بالعور |
فياليت أمي لم تلدنى وليتنى |
|
صبرت على القول الذي قاله عمر |
وهؤلاء المرتدون لم يقاتلهم أحد ، فإن أبا بكر هو الذي قاتل جماهير المرتدين بمن معه من المهاجرين والأنصار وقد وصف الله هؤلاء المؤمنين بست صفلت.
(١) إنه تعالى يحبهم ، وحبّه تعالى وبغضه شأن من شئونه لا نبحث عن كنهه ولا عن كيفيته.
(٢) إنهم يحبون الله تعالى ، وحب المؤمنين لله جاء فى غير موضع من القرآن كقوله : «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ» وفى حديث أنس فى الصحيحين «ثلاثة من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النار».
(٣ ، ٤) الذلة على المؤمنين والعزة على الكافرين وهما بمعنى ما جاء فى قوله تعالى : «أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ»
(٥) الجهاد فى سبيل الله ، وسبيل الله هو طريق الحق والخير الموصلة إلى مرضاته تعالى ، ومن أعظم الجهاد بذل النفس والمال فى قتال أعداء الحق ، وهو من أكبر آيات المؤمنين الصادقين.
(٦) كونهم لا يخافون لومة لائم ، وفى ذلك تعريض بالمنافقين الذين يخافون لوم أوليائهم من اليهود لهم إذا هم قاتلوا مع المؤمنين ، إذ هم لا يرغبون فى جزاء أو ثناء من الناس ، بل يعملون العمل لإحقاق الحق وإبطال الباطل.