الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) اتقاء الله هو اتقاء سخطه وعقابه بعدم مخالفة دينه وشرعه ، والوسيلة ما يتوصل به إلى مرضاته والقرب منه واستحقاق مثوبته فى دار الكرامة.
روى ابن جرير عن قتادة أنه قال فى تفسير الآية أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه ، وروى أحمد والبخاري وأصحاب السنن من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من قال حين يسمع النداء ـ الآذان ـ اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، حلت له شفاعتى يوم القيامة» وروى أحمد ومسلم من حديث عبد الله بن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علىّ فإنه من صلى علىّ صلاة صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا لى الوسيلة ، فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون هو ، فمن سأل لى الوسيلة حلت عليه الشفاعة».
وبهذا يعلم أن هذه الوسيلة هى أعلى منازل الجنة ، فمن دعا الله تعالى أن يجعلها للنبى صلى الله عليه وسلم كافأه النبي صلى الله عليه وسلم بالشفاعة ، وهى دعاء أيضا والجزاء من جنس العمل.
(وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) الجهاد من الجهد وهو المشقة والتعب ، وسبيل الله هى طريق الحق والخير والفضيلة ، وكل جهد فى الدفاع عن الحق وحمل الناس عليه فهو جهاد فى سبيل الله.
أي جاهدوا أنفسكم بكفها عن أهوائها ، وحملها على النّصفة والعدل فى جميع الأحوال ، وجاهدوا أعدائى وأعداءكم ، وأتبعوا أنفسكم فى قتالهم ومنعهم من مقاومة الدعوة.