والرسول الذي يرسله الله فيوحى بإذنه ما يشاء هو ملك الوحى المعبر عنه بالروح الأمين.
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) أي أرسلنا رسلا قد قصصنا بعضهم عليك ولم نقصص بعضا آخر ، ليكونوا مبشرين من آمن وعمل صالحا بالثواب العظيم ، وينذروا من كفر وأجرم بالعذاب الأليم ، إذ لو لم يرسلهم لكان للناس أن يحتجوا إذا هم أجرموا أو كفروا بأنهم ما فعلوا ذلك إلا لجهلهم ما يجب من الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى : «وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى» وقال «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً».
والخلاصة ـ إن من حكمة إرسال الرسل قطع حجة الناس واعتذارهم بالجهل عند ما يحاسبهم الله ويقضى بعقابهم ، فلولا إرسالهم لكان لهم أن يحتجوا فى الآخرة على عذابهم فيها وعلى عذاب الدنيا الذي كان قد أصابهم بظلمهم.
والدّين وضع إلهىّ لا يستقل العقل بالوصول إليه ولا يعرف إلا بالوحى وهو موافق لسنن الفطرة فى تزكية النفوس وإعدادها للحياة الأبدية فى عالم القدس ، ويترتب على العمل به أو تركه جزاء حدده الله فى الدنيا والآخرة ، ولن يكون هذا الجزاء إلا لمن بلغته الدعوة على الوجه الصحيح.
(وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) أي وكان الله عزيزا لا يغالب فى أمر يريده ، ومن عزته ألا يجاب المتعنت إلى مطلوبه ، حكيما فى جميع أفعاله ، وحكمته تقضى هذا الامتناع عن الإجابة لأنه يعلم أنه لو فعل ذلك لأصرّوا على لجاجهم كما فعلوا مع موسى بعد أن جاءهم بما طلبوا.
(لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ) هذا استدراك على ما علم من السياق من إنكارهم نبوته صلى الله عليه وسلم وعدم شهادتهم بها ، وهى واضحة عندهم فى مرتبة المشهود به ، لكنهم استبدلوا المباهتة والمكابرة بالشهادة والإيمان ، فسألوه أن