فقد ثبت عن الصحابة إسقاط الحد عمن تاب ، ولم يثبت أن أحدا تقاضى التائب حقا ولم يسمع له الحاكم.
وإذا فتوبته لا تصح إلا إذا أعاد الأموال المسلوبة إلى أربابها ، فإذا رأى ولىّ الأمر إسقاط حق مالىّ عن المفسد مراعاة للمصلحة العامة وجب أن يضمنه من بيت المال (وزارة المالية) :
والخلاصة ـ إن هانين الآيتين تضمنتا عقاب المحاربين المفسدين فى الأرض الذين يعملون أعمالا مخلّة بالأمن على الأنفس والأموال والأعراض فى بلاد الإسلام معتصمين فى ذلك بقوتهم مع عدم الإذعان لأحكام الشريعة باختيارهم ، وهو أن يطاردهم الحكام ويتتبعوهم حتى إذا قدروا عليهم عاقبوهم بتلك العقوبات بعد تقدير كل مفسدة بقدرها ومراعاة المصلحة العامة ، ومن تاب قبل القدرة عليه لا يعاقب بما هنا من العقوبات ، بل حكمه حكم سائر المسلمين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه فيما سلف أن اليهود قد هموا ببسط أيديهم إلى الرسول حسدا منهم له ، وغرورا بدينهم ، واعتقادا منهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ـ أمر المؤمنين بأن يتقوه ويبتغوا إليه الوسيلة بالعمل الصالح ولا يفتتنوا بدينهم كما فعل أهل الكتاب.
ثم أكد ذلك فبين أن الفوز والفلاح لا يكون إلا بهما ، فمن لم ينلهما لا قى من الأهوال يوم القيامة ما لا يستطاع وصفه.