ابن عامر الأنصاري سمعت أنس بن مالك يقول : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة ، قال قلت : فأنتم كيف تصنعون؟ قال : كنا نصلى الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث» وروى أحمد والشيخان من حديث أبى هريرة مرفوعا «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» فهذه الأخبار تدل على أن المسلمين لم يكونوا فى عهد النبي يتوضئون لكل صلاة ، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة غالبا ، وصلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد أمام الناس لبيان جواز ذلك.
ومن ذلك يعلم أن الوضوء لكل صلاة عزيمة وهو الأفضل ، وإنما يجب على من أحدث. وآخر الآية يدل على ذلك ، فإنه ذكر الحدثين ووجوب التيمم على من لم يجد الماء بعدهما فعلم منه أن من وجده وجب عليه أن يتطهر به عقبهما ، ولو كانت الطهارة واجبة لكل صلاة لما كان لهذا معنى.
والخلاصة ـ إن الوضوء لا يجب إلا على المحدث ، وإنما يستحب تجديده لكل صلاة (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) الغسل (بالفتح) إسالة الماء على الشيء لإزالة ما عليه من وسخ ونحوه ، والوجوه واحدها وجه ، وحدّه من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللّحيين طولا ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضا ، والأيدى واحدها يد ، وحدّها فى الوضوء من رءوس الأصابع إلى المرفق ، وهو أعلى الذراع وأسفل العضد.
روى مسلم من حديث أبى هريرة : أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع فى العضد ، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع فى العضد ، ثم مسح رأسه ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع فى الساق ، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع فى الساق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
(وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) الرأس معروف ويمسح ما عدا الوجه منه وقد اختلف فقهاء الأمصار فى أقل ما يحصل به فرض مسح الرأس ، فقال الشافعي يكفى أقل ما يصدق عليه اسم المسح ولو شعرة ، وقال مالك يحب مسح الكل أخذا بالاحتياط ، وأوجب