والقصور ، والفراش الوثير ، والسكن في الجنات ، ويركب فاره الخيول المطهّمة والمراكب الفاخرة ، ويشار إليه بالبنان ، بينا نرى المطيع لربه ، المظلوم من بنى جنسه قد يعيش عيش الكفاف ، ولا يجد ما يقيم به أوده ، ويسدّ به مخمصته ، أفيكون من حكمة الحكيم العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة أن يترك الناس سدى يفعلون ما شاءوا بلا حساب ولا عقاب ، أو ينتصف للمظلوم من الظالم ويرجع الحق إلى صاحبه؟ وربما لا يحصل هذا في الدنيا ، فلا بد من دار أخرى يكون فيها العدل والإنصاف ، والكيل بالقسط والميزان ، وتلك هى الدار التي وعد بها الرّحمن ، على ألسنة رسله الكرام ، صدق ربنا ، وإن وعده الحق ، وإن هذا اليوم آت لا شك فيه ، لتجزى كل نفس بما كسبت ، لا ظلم اليوم.
أخرج ابن عساكر عن ابن عباس أنه قال : الذين آمنوا علىّ وحمزة وعبيدة ابن الحارث رضى الله عنهم ، والمفسدون في الأرض عتبة والوليد بن عتبة وشيبة وهم الذين تبارزوا يوم بدر.
ولما كان القرآن هو الذي يرشد إلى مثل هذه المقاصد الشريفة ، والمآخذ العقلية الصحيحة قال :
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي أنزلنا إليك هذا الكتاب النافع للناس ، المرشد لهم إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم ، فى دينهم ودنياهم ، الجامع لوجوه المصالح ، ليتدبرها أولو الحجا الذين قد أنار الله بصائرهم ، فاهتدوا بهديه ، وسلكوا في أعمالهم ما أرشد إليه ، وتذكروا مواعظه وزواجره ، واعتبروا بمن قبلهم فارعووا عن مخالفته ، حتى لا يحل بهم مثل ما حل بالغابرين ، ويستأصلهم كما استأصل السابقين ، ممن بغوا في الأرض فسادا.
وما تدبّره بحسن تلاوته وجودة ترتيله ، بل بالعمل بما فيه ، واتباع أوامره ونواهيه ، ومن ثمّ قال الحسن البصري : قد قرأ القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله ، حفظوا