الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» وجاء في قوله : «وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ».
وبعد أن بيّن شأن المنزل وأنه من عند الله ـ ذكر ما اشتمل عليه ذلك المنزّل من الحق والعدل فقال :
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) أي إنا أنزلنا إليك القرآن أيها الرسول آمرا بالحق والعدل الواجب اتباعهما والعمل بهما.
ثم أمر رسوله بعبادته والإخلاص له فقال :
(فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) أي فاعبده تعالى ممحّضا له العبادة من شوائب الشرك والرياء بحسب ما أنزل في تضاعيف كتابه ، على لسان أنبيائه من تخصيصه وحده بالعبادة وأنه لا ندّ له ولا شريك.
ثم أكّد هذا الأمر بقوله :
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) أي ألا لله العبادة والطاعة وحده لا شركة لأحد معه فيها ، لأن كل ما دونه ملكه ، وعلى المملوك طاعة مالكه ، وفي حديث الحسن عن أبى هريرة «أن رجلا قال : يا رسول الله إنى أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده ، لا يقبل الله شيئا شورك فيه ، ثم تلا : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ)».
وبعد أن أبان أن رأس العبادة الإخلاص لله ـ أعقب ذلك بذم طريق المشركين فقال :
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) أي والذين اتخذوا من دون الله أولياء يعبدونهم ، يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا عند الله منزلة ويشفعوا لنا عنده في حاجتنا.