دورتهما ، ومنقطع حركتهما ، وهو يوم القيامة ، «يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ».
ثم ذيل الكلام بالجملة الآتية ترغيبا في طلب المغفرة بالعبادة والإخلاص له ، والتحذير من الكفر والمعاصي ، فقال :
(أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) أي ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال ، وأنعم على خلقه بهذه النعم ـ هو القادر على الانتقام ممن عاداه ، الغفار لذنوب عباده التائبين.
ولا يخفى ما في هذا من الدلالة على كمال قدرته ، وكمال رحمته ؛ فهو القهار ذو القوة المتين ، الغفار لذنوب التائبين.
وبعد أن ذكر الدلائل التي بثها في العالم العلوي ـ أردفها ذكر الدلائل التي أودعها في العالم السفلى ، وبدأها بخلق الإنسان ، لأنه أعجب ما فيه ، لما فيه من العقل وقبوله الأمانة الإلهية ، ولله در من قال :
وتزعم أنك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) أي خلقكم على اختلاف ألسنتكم وألوانكم ـ من نفس واحدة وهى آدم ، ثم جعل من جنسها زوجها وهى حواء ، ثم ثنّى بخلق الحيوان فقال :
(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهى التي ذكرها في سورة الأنعام «ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» أي ذكر وأنثى لكل منها.
ثم ذكر سبيل خلق ما ذكر من الأناسى والأنعام فقال :
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) أي يبتدىء خلقكم أيها الناس فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق ، فيكون أحدكم أوّلا نطفة ، ثم يكون علقة ،