ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨))
تفسير المفردات
منيبا : أي راجعا إليه مطيعا له ، خوّله : ملّكه ؛ وأنشد أبو عمرو بن العلاء لزهير ابن أبى سلمى :
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا |
|
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا |
المعنى الجملي
بعد أن أقام الأدلة على وحدانيته تعالى وذكر أن المشركين عبدة الأصنام لا دليل لهم على عبادتها ، وكأنّ عقولهم قد ذهبت حين عبدوها ـ أعقب ذلك ببيان أنه هو الغنى عما سواه من المخلوقات ، فهو لا يريد بعبادته جر منفعة ، ولا دفع مضرة ، ولكنه لا يرضى الكفر لعباده ، بل يرضى لهم الشكر ، وأن كل نفس مطالبة بما عملت ، وبعدئذ تردّ إلى عالم الغيب والشهادة فيجازيها بما كسبت ، ثم أتبعه بذكر تناقض المشركين فيما يفعلون ، فإذا أصابهم الضر رجعوا في طلب دفعه إلى الله ، وإذا ذهب عنهم عادوا إلى عبادة الأوثان ، وقد كان العقل يقضى بأنهم وقد علموا أنه لا يدفع الضر سواه ـ أن يعبدوه في جميع الحالات ، ثم أمر رسوله أن يقول لهم متهكما موبخا تمتعوا بكفركم قليلا ثم مصيركم إلى النار وبئس القرار.
الإيضاح
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) أي إن تكفروا به سبحانه مع مشاهدة ما يوجب الإيمان والشكر فإن ذلك لا يضيره شيئا ، فهو الغنى عن سائر المخلوقات كما قال تعالى حكاية عن موسى : «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ