أحوال المؤمنين القانتين الذين لا يعتمدون إلا على ربهم ، ولا ينيبون إلا إليه ، ويرجون رحمته ، ويخافون عذابه.
الإيضاح
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي أأنت أيها المشرك أحسن حالا ومآلا أم من هو قائم بأداء الطاعات ، ودائب على وظائف العبادات ، فى ساعات الليل التي تكون فيها العبادة أشق على النفوس ، وأبعد من الرياء ، فتكون أقرب إلى القبول ، وهو في حال عبادته خائف راج؟ لا شك أن الجواب لا يحتاج إلى بيان.
والخلاصة ـ أمن هو مطيع كمن هو عاص؟ إنهما لا يستويان.
ثم أكد نفى التساوي ونبه إلى فضيلة العلم وشرف العمل به فقال :
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ؟) أي قل أيها الرسول لقومك :
هل يستوى الذين يعلمون ما لهم في طاعة ربهم من الثواب ، وما عليهم في معصيتهم إياه من عقاب ، والذين لا يعلمون ذلك ، فهم يخبطون خبط عشواء ، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرا ، ولا يخافون من سيئها شرا.
وجاء هذا الكلام بأسلوب الاستفهام للدلالة على أن الأولين بلغوا أعلى معارج الخير ، وأن الآخرين درجوا في دركات الشر ، ولا يخفى ذلك على منصف ولا مكابر.
ثم بين أن ما سلف إنما يفهمه كل ذى لبّ ، فأمثال هؤلاء على قلوبهم غشاوة ، لا يفقهون موعظة ، ولا تنفع فيهم التذكرة فقال :
(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي إنما يعتبر بحجج الله ويتعظ بها ويتدبرها أهل العقول والحجا ، لا أهل الجهل والغفلة.
والخلاصة ـ إنه إنما يعلم الفرق بين هذا وذاك من له لب وعقل يتدبر به.