ولما لم يلتفتوا إلى الحق ولم ينتفعوا بضرب المثل ، أخبر سبحانه بأن مصير الجميع إلى الله ، وأنهم يختصمون يوم القيامة بين يديه وهو الحكم العدل ، وهناك يتميز المحق من المبطل قال :
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) أي إنك ستموت وهم سيموتون ، ثم تختصمون عند ربكم ، فتحتجّ أنت عليهم بأنك قد بلّغت فكذّبوا ، ويعتذرون هم بما لا طائل تحته ، وبما لا يدفع عنهم لوما ولا تقريعا ، ويقول التابعون للرؤساء : أطعناكم فأضللتمونا ، ويقول السادة : أغوانا الشيطان وآباؤنا الأولون.
عن أبى هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «من كان عنده مظلمة لأخيه من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه» رواه البخاري.
وعن أبى هريرة قال : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إن المفلس من يأتى يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ويأتى قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» أخرجه مسلم.
وعن أبى سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كنا نقول : ربنا واحد ، وديننا واحد ، ونبينا واحد ، فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفّين ، وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ووفّقنا لما فيه رضاك.
تم هذا الجزء بمدينة حلوان من أرباض القاهرة لثلاث بقين من ذى القعدة من سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف هجرية ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.