(وَأَنِ اعْبُدُونِي) وحدي ، وأطيعونى فيما أمرتكم به ، وانتهوا عما نهيتكم عنه.
ثم بين أن ما أمر به ونهى عنه طريق معبّد واضح لا لبس فيه ولا خفاء فقال :
(هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي هذا الذي نهيتكم عنه من عبادة الشيطان ، وأمرتكم به من عبادة الرّحمن ، هو الصراط المستقيم ، لكنكم سلكتم غيره فوقعتم في مزالق الضلال وتردّيتم في مهاوى الردى.
وبعد أن نبههم إلى أنهم نقصوا العهد وبخهم على عدم اتعاظهم بغيرهم ممن أوقعهم الشيطان في المهالك ، وكانت عاقبتهم ما يرون من سوء المنقلب في الدنيا والآخرة فقال :
(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) أي ولقد صد الشيطان منكم خلقا كثيرا عن طاعتى وإفرادى بالألوهية فاتخذوا من دونى آلهة يعبدونها.
ثم زاد في توبيخهم والإنكار عليهم فقال :
(أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ؟) أي فلم يكن لكم عقل فترتدعوا عن مثل ما كانوا عليه كى لا يحيق بكم من العذاب مثل ما حاق بهم.
وبعد أن أنّبوا ووبّخوا بما سلف خوطبوا بما يزيدهم حسرة وألما فقيل لهم :
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) أي هذه هى جهنم التي كنتم توعدون بها على ألسنة الرسل والمبلّغين عنهم إذا أنتم اتبعتم وساوس الشيطان ، وعصيتم الرّحمن ، وعبدتم من دونه الأصنام والأوثان ، واجترحتم الفسوق والعصيان.
ثم أمرهم أمر إهانة وتحقير لهم بقوله :
(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي احترقوا بها اليوم ، وقاسوا حرها الشديد بسبب جحودكم بها في الدنيا ، وتكذيبكم إياها ، بعد أن نبهتم فلم تنتبهوا ، وأوقظتم فلم تستيقظوا.
وخلاصة ذلك ـ إنه قد ذكر ما يوجب الحزن والأسى من وجوه ثلاثة :