الإيضاح
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) أي ومن الأدلة على قدرتنا على البعث إحياء الأرض الهامدة التي لا نبات فيها بإنزالنا الماء عليها ، فتهتز وتربو وتنبت نباتا مختلفا ألوانه وأشكاله ، وتخرج حبا هو قوت لكم ولأنعامكم ، وبه قوام حياتكم.
(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ، وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي وأنشأنا في هذه الأرض التي أحييناها بساتين من نخيل وأعناب ، وجعلنا فيها أنهارا سارحة في أمكنة تنتشر فيها ، ليأكلوا من ثمر الجنات ومما عملت أيديهم مما غرسوا وزرعوا.
ثم لما عدد النعم طلب منهم الشكر فقال :
(أَفَلا يَشْكُرُونَ؟) أي أفلا يشكرون خالق هذه النعم على ما تفضل به عليهم من نعم لا تعدّ ولا تحصى.
ولما أمرهم سبحانه ، بالشكر وشكره تعالى بعبادته وقد تركوها وعبدوا غيره وأشركوا به سواه قال :
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) أي تنزيها لمن خلق هذه الأنواع كلها من الزرع والثمار ومختلف النبات ، وخلق من أولادهم ذكورا وإناثا ، وخلق مما لا يعلمون من الأشياء التي لم يطلعهم عليها ، ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفتها تفصيلا ، بل علمهم ذلك بطريق الإجمال بنحو قوله : «وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ» ليستدلوا بذلك على عظمة الخالق وسعة ملكه وجلالة قدره.
والخلاصة ـ تنزه ربنا خالق هذا الخلق العظيم من نبات وحيوان وإنسان ، وخالق ما لا نعلم مما لا ندرك كنهه ولا نعلم حقيقته وفيه الدليل على عظيم قدرته وواسع ملكه ـ عن كل نقص لا يليق بجليل عظمته.